کد مطلب:306546 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:231

کرامة السماء لکرم الزهراء


.. استقلت الشمس وسط الافق.

واخذت اشعتها تطبع ظلال المارة علی ساحات الطریق المؤدیة إلی المسجد.

فتسقط عمودیة قطرة قطرة فی مودة صامتة.

.. وها هو بلال یؤذن بصوته الجمیل.. والرسول بدأ بأقامة الصلاة، فالظهر قد حل، و بعد ساعات قلائل سیحین وقت المساء، و تزف البضعة الی بیت علی.

اجل اخذت الزهراء مكانها وسط حجرة أُم سلمة.. و درن حولها نساء الرسول یتطلعن الی زهوها و بهائها، و لنور المنبعث منها، الذی كللت به.

و بدین النسوة مستبشرات ضاحكات یباركنّ لها.

.. كنت سیدتی الجلیلة تزدادین روعة و اشراقاً، و نوراً و أخذت عیناك ترسلان حزماً من نور تغمرین به عیون الحاضرات، فیبهتن لهذا الحسن و الكمال.

.. فما بقی علی زفافها سوی عدة سُویعات.. فلقد أمر النبی زوجاته بتزین


الزكیة، فقالت أُم سلمة برقة و حبور:

-.. عزیزتی یا بنت رسول اللَّه، این قمیص زواجك یا بنیتی؟!

.. فأجابت فاطمة برقة صوتها و عذوبته: (دفعته لسائل محتاج)... فشهقت المرأة و هی تمسك بیدها موضع قلبها و قالت بدهشة:

- ماذا ماذا تقولین، یاللَّه یا بنت العصمة.؟!!

ثم تهدج صوتها، و هی تبتلع بعض جرعات الماء.. فی حین التفتن النسوة من حولها و هن فاغرات الافواه قد علتهن صفرة التعجب، اذ یقلبن بأیدیهن و یقولن:

ما العمل الآن؟!! عند ذلك دخل النبی یحمل شیئاً معه، و هو یتفرس وجه ابنته والفرحة قد و سمته، اذ یری فاطمة قد إحمَر وجهها بلون الارجوان، و هی تری الضجة التی احدثنها النسوة.

فسلم الرسول و كان وجهه كفلقة قمر متوهج و قال:

- (یا فاطمة ان اللَّه یقرأ علیك السلام و ارسل لك هذه التحفة هدیة و تثمیناً لما فعلته هذا الیوم).

.. ثم اخرج ما كان قد تأبطه..

فعجبن النسوة، و صحن و هن مدهوشات مستغربات:

- «انها حلة ما رأتها العیون».

فأقبلن علی الفتاة الحسناء یضمخنها بالطیب، فكانت احداهن تمشط شعرها والاخری تزینها بالحلی (العاج)، و اُخری تغمرها بكلمات التبریك حتی التففن حولها و البسنها الحلة التی جاء جبرائیل من الجنة [1] . انها لا تقدر بقیمة أو تثمن بثمن.


فارتفعت نبرات النساء بالتحمید للَّه والتسبیح له، فلقد عم الكون العطر الذی كان یفوح من حلة الزهراء و رافقته الارض و بثبت عبیرها الشذی من ازهار النرجس و الیاسمین..

.. و اخیراً تركت الشمس سماءها لتفسح للقمر مجاله، اذ كان یبدو قریباً قریباً من الارض، تائماً فی الفضاء الذی التمعت فیها النجوم التماعاً غریباً، فی حین كان القمر غارقاً بنوره العظیم الذی اكتسبه من محمد و فاطمة و علی فیمیل ضوءه الساطع نحو المدینة. (فلقد حل الغروب).

.. فدعا رسول اللَّه ابنته و حبیبته و فلذة قلبه و بضعته.

فأقبلت تمشی علی استحیاء، تتصبب عرقاً بحلتها الفردوسیة، تجر ذیلها علی الارض.. و قد غمرها الطیب والبخور.. فتنثر ما حولها عطر الخضاب، الذی اتی جبرائیل به من الجنة. [2] .

ظلّ النبی یحف ابنته بنظراته و هو یراها تتعثر من شدة الحیاء، حتی انها كادت ان تقع علی الأرض، فتبسم الرسول بعذوبة و قال:

- (أقالك اللَّه العثرة فی الدنیا و الآخرة) [3] .

.. و ما لبث المصطفی حتی التفت إلی جانبه و نادی علیاً.

.. فتقدم الشاب مستحییاً مطرقاً برأسه إلی الأرض، و قد حوطته أنوار الرحمة.. و بعض قطرات عرقه تتساقط من علی جبهته.

فكشف النبی له برقع عروسه حتی ان رآها، و هی خجلة فكانت كالشمس حسناً بل شق نور الشمس من نور جمالها الأزهر.. و احمرت قدودها و سطع نورها البهی.


نعم: مولاتی یا زهراء، آن وقت الزفاف.

الزفاف الذی ما نالت مثله امرأة علی وجه الأرض، و لن تنله بعدك أبداً.

.. فها هو المصطفی أحمد صلی اللَّه علیه و آله و سلم خاتم الرسالة العظمی، خیر من علی الأرض حامل رسالات الكمال البشریة، سیزفك إلی بیت زوجك علی ناقته (الشهباء).

سیدتی: اَسمعت قبلا من القصص الكریمة، ان نبیاً من الأنبیاء قام بما قام به أبوك؟!

لكن النبی الكریم یعلم من تكون هی فاطمة، و ما قدر منزلتها و مقامها و رفعتها عنداللَّه لذا اثنی علی ناقته قطیفة ثم قال:

- (اركبی یا قرة عینی).

.. و ساق الناقة سید الوری والعروة الوثقی، و أخذ سلمان المحمدی زمامها و حمزة، و عقیل، شاهرین سیوفهم تشرق فی الافق و هم یمشون خلف ناقة العروس.

فأمر النبی صلی اللَّه علیه و آله و سلم بنات عبدالمطلب، و نساء المهاجرین والانصار أن یمضین فی صحبة فاطمة و ان یفرحن و یكبرنّ و یحمدنّ، و لا یقلنّ ما لا یرضی اللَّه.



[1] بحارالانوار ج 43، ذخائر العقبي ص 28، النسائي في كتاب خصائص أميرالمؤمنين ص 22، رواه صاحب الفضائل.

[2] بحارالانوار ج 43 ص 114.

[3] المصدر السابق.